الأب الحنون ، القلب الطيب و الروح اللطيفة ، صفات تُميز جدي سعود ، اعتدت على رؤيته بصحة و عافية و لم أتخيل يومًا رؤيته ضعيفًا و يكسوه التعب ، في يوم صعب ، اختار ڤايروس كورونا جدي سعود ، كانت علامات الخوف و القلق تملأ قلوبنا جميعًا ، جدي سعود في خطر ..
حينها كانت بدايتي في دراسة التمريض ، لم أتحمل الخبر و فكرت للحظات ، هل سأتحمل رؤية الناس يتألمون يوميًا ؟ فتحمل ألم شخص واحد صعب بحد ذاته فكيف سأتحمل العشرات من المرضى ؟ كيف سأستمر بحياتي دون تخيلات و دون تأثير سلبي على نفسيتي ؟ كنت أفكر بقرار انسحابي من دراسة التمريض فأنا لا أتحمل هذا الضغط النفسي ..
مع الأيام ، اشتد تعب جدي سعود ، حيث بدأوا بتزويده بالأكسجين ، جدي سعود لا يتنفس ، لا يأكل ، لا يتحرك كعادته و لا يبتسم حتى ، بدى جدي سعود ضعيفًا ..
بعد تحسن حالته خرج من المستشفى و إذ نُصعق برسالة مفاجئة من خالي أثناء قيامي بالتسوق برفقة أمي و أختي ، ” أبوي وقف قلبه و قام ، و يبيكم كلكم ” ، بدون شعور بدأنا بالركض خارجين من السوق متجهين لبيت جدي ، الصدمة ، الدموع ، الهدوء و صوت القرآن كانوا برفقتنا طوال الطريق ..
جدي مستلقيًا بفراشه بدون أي تعابير ، أبناءه , أحفاده و زوجته بحالة بكاء صامت ينظرون إليه بحرقة ، مع مرور الساعات اكتشفنا أن جدي لا يعرفنا ، لا يتذكر أحدًا منا ، و كنا نبحث عن خيط أمل نتمسك به ، خوالي : يبا وين عيالك ؟ و كان رد جدي سعود : بفيلچا ..
كانت تراودني كثيرًا فكرة ترك التمريض و التوجه لأي تخصص آخر بعيدًا عن المرضى ، لكن بدأ جدي سعود بالتحسن ، و بدأت الفرحة تكسو قلوبنا ، جلست أفكر مع نفسي هل سأستسلم بعد أن واجهت العالم من أجل التمريض ؟ هل سأضعف أمام ألم جدي حالًا و أندم لاحقًا ؟ يجب علي الاستمرار ..
أبشركم جدي سعود بصحة و عافية الآن و حتى أنه يتذكرنا جميعًا ، و أصبحت حفيدته التي حين يراها يفتح يداه مستقبلًا لها كل يوم جمعة و مع ابتسامة عريضة يأخذني بحضنه ماسكًا يدي بشدة .. أطال الله أعمار من تحبون و يرحم من رحلوا 🌸
اهنيج علي الي كتبته والله يطول في اعمار احبابنا 💕💕
👏👏👏