عندما تتحول الكبسولة إلى معجزة صامتة

..لا زلتُ أذكر أول مريض جاء للعلاج في كبسولة الامل

كان متسلّقاً كويتياً يحمل بين يديه آثار تحديات بسبب تسلق الجبال، ومواجهة البرد، وبدت آثار نقص التروية بأصابعه التي بدأت تزّرقّ، كنتُ اراقبه ولم يكن الالم في جسده فقط بل في عينيه كذلك

ادخلته في الكبسوله واغلقت الباب عليه وبدأ بجلسه الاوكسجين العلاجيه الاولى ، ويوماً بعد يوم يزيد اصرارا لاخذ الجلسات ونحن ندعمه ونرافق خطوات الشفاء المعجزه بترقبٍ وامل . وبعد فتره شهرين تماماً لم تكن فقط أصابعه التي تعافت وارتوت … بل شيئ أعمق : “كانت كذلك ثقته في قدرة جسده على النهوض من جديد. هذه ليست مجرد قصة واحدة، بل هناك الكثير من المشاهد المفعمه بالأمل التي تتكرر داخل غرف العلاج بالاوكسجين عالي الظغط . فهذه الغرف ليست كاي غرف : بل هي كبسوله أشبه برحلة غوص في عُمقٍ لا يُرى …حيث يتم إغلاقها بإحكام ويتم تزويد المريض بالاوكسجين النقي المضغوط، الذي يمنح الخلايا فرصة للنجاة .. يدخلها المريض يومياً في جلسات قد تستغرق من ساعة إلى ساعه ونصف ، يستنشق خلالها الأوكسجين بتركيز أعلى من الطبيعي، مما يساعد على تجديد الأنسجة، تسريع التئام الجروح، ومحاربة الالتهابات الداخلية. ( ما وراء الجدران الزجاجية ) قد تبدو الغرفة بسيطة من الخارج وقد يظن البعض أن الأمر بسيط : مريض يجلس في غرفة ويتنفس… ( لكن الحقيقة أن خلف هذه الجلسة يوجد جهد تمريضي دقيق ومركّز (تقييم شامل قبل الدخول، تهيئة المريض نفسيًا: لأن الكبسولة قد تشعره بالاختناق أو القلق، مراقبه دقيقه أثناء الجلسة ، التدخل الفوري بحال حدوث أعراض جانبية للمرضى ،تقديم الدعم والتثقيف بعد الجلسة ) . كل ذلك لا يتم دون عين حارسة، ويد التمريض الجاهزة فنحن لا نحقن دواءً … بل تتابع العلامات الحيوية، نظبط البيئه والجهاز ،نحسب الوقت ، نهدئ التوتر، نراقب ونطمئن القلوب من داخل وخارج الجهاز . فالكبسولة هنا ليست مجرد جهاز… بل مشهد من مشاهد الشفاء حيث يُصبح التمريض أكثر من مجرد مهنة… بل رفيق شفاء.
{ فنحن التمريض نحن فنّ الرعايه }

Like this article?

Subscribe
Notify of
guest

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

0 Comments
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x