في عام 2006 تم اقرار البرنامج الوطني للارتقاء بمهنة التمريض، حيث كان يهدف البرنامج إلى فتح مجال الابتعاث لدراسة التمريض،خصوصاً وأن حملة شهادة معهد التمريض (تعادل الثانوية العامة) هم الفئة العظمى من ممتهني التمريض في ذلك الوقت، ولكي يتم تعزيزالخبرة العملية للممرضين بالأساسيات العلمية، تم اقرار البرنامج وفعلاً تقدم عليه فئة كبيرة من الممرضين لاستكمال دراستهم خصوصاً للحصول على مؤهل البكالوريوس.
وفي نفس الوقت، عمل القائمون على تفعيل هذا البرنامج لانشاء قانون خاص بتنظيم مهنة التمريض، ليكون التوزيع بالمهام والأعمال الفنية والادارية والترقيات على أساس المؤهل العلمي.
وفعلاً نجحوا في وضع اللبنات الأساسية لهذا القانون وفق دراسات مستفيضة ومقارنات بدول الجوار بالاضافة للتجارب على المستوى الأوروبي والأمريكي، لكن وللأسف الشديد حالت الظروف (الغامضة) عن استمرار هذه المجموعة في تقديم القانون بالصورة النهائية وضل المشروع حبيس الأدراج.
في سنة 2009، ومن قبل مجموعة أخرى، قاموا باستخراج المشروع الذي لم يكن مكتملاً وقدموه للجهات المعنية وبالفعل تم اقرار قانون التمريض “كادر التمريض” الذي كان (المفروض) يعتبر الخطوة الأولى في تحقيق التطوير في مهنة التمريض.
حيث أن القانون أو كادر التمريض لا يعنى باقرار الزيادات المالية للتمريض فقط، لكن ليفسر المستويات الوظيفية للممرض من شهادة معهد التمريض حتى شهادة الدكتوراه بالتمريض، بالاضافة إلى اللوائح التنظيمية للوظائف الاشرافية ابتداءً من ممرض مسؤول (هيدنيرس) حتى رئيس هيئة تمريضية في المنطقة الصحية.
ومن ضمن اللوائح التي تم اقرارها بالقانون النافذ والذي تم اقراره من قبل الجهات المعنية بالدولة، فإن الوظائف الاشرافية مقتصرة على أصحاب الشهادات الجامعية ابتداءً من دبلوم التمريض. وكما ذكرت سابقاً، فإن القانون تمت دراسته من قبل مجموعة، وتم العمل على اقراره من قبل مجموعة أخرى، ولا دخل لأصحاب الشهادات الجامعية في إقرار هذا القانون.
كما هو جدير بالذكر، فإن المجموعة التي قامت بتنفيذ الخطة منذ اقرار البرنامج الوطني للارتقاء بمهنة التمريض وحتى بداية العمل على صياغة قانون التمريض، قامت بوضع خطة استراتيجية تهدف لتوصيف وظيفة كل مستوى وظيفي ووضع برنامج للتعليم المستمر والتحصيل العلمي بنظام النقاط، كما هو معمول به للأطباء، ليكون شرطاً من شروط الترقيات بين المستويات الوظيفية، الا ان هذه الخطة لم ترى النور حتى يومنا هذا.
بعد اقرار القانون بأقل من سنة، بدأت الحرب الأهلية وانقسم التمريض إلى عدة أحزاب، وكان ابرز حزبين هم حزب شهادة معهد التمريض والحزب الآخر هم الحاصلون على مؤهلات جامعية ونصف جامعية، وبعض الأحزاب الصغيرة المتفرقة.
على أن الحزب الأقوى وقتها كان حزب شهادة معهد التمريض، حيث أن الادارات التمريضية جميعها من حملة شهادة معهد التمريض وبخبرات طويلة جداً، الا ان قانون التمريض كان في صف أصحاب المؤهلات الجامعية.
لم يمنع ذلك اندلاع الحرب وكما يقال “البادي اظلم” فقد كان من ابتدأ الحرب هم حزب شهادة معهد التمريض خوفاً منهم على مناصبهم وأن أصحاب الشهادات الجامعية قادمون لأخذ مناصبهم!
فقد تم عمل اجتماع في تلك السنين الغابرة من قبل حزب شهادة معهد التمريض وجمع أصحاب الشهادات الجامعية وأعلنوا الحرب عليهم بقولهم “لا يكون علبالكم عندكم شهادات بتمسكون”!
على أني لا أعرف نوايا جميع أصحاب الشهادات الجامعية هل فعلاً كانوا ينوون الاطاحة بأصحاب المناصب واستلام مناصبهم، وهو أمر بعيد كل البعد عن الواقع ولا يمكن تحقيقه قانونياً، الا ان تلك الحرب لم يكن من الواجب اعلانها.
التمريض مهنة طبية تخصصية قائمة على الأدلة العلمية ومن الطبيعي ان تكون المناصب الاشرافية ذات الطابع الفني من الشهادات الجامعية، الا ان هذا المنطق لا يستسيغه الجميع وهو سائد في جميع المجالات ولا يقتصر على التمريض فقط. نعم الخبرة محبذة وتساهم في حل ومعرفة الخبايا الادارية، لكنها ليست كافية لتطوير مهنة طبية فنية علمية بحتة مثل التمريض.
ومن المؤسف ان يكون هنالك جهاز نقابي غير محايد يكون مع حزب دون آخر في هذه الحرب، فالجهاز النقابي يفترض أن يكون العنصر المحايد في الفصل في هذه الحروب وذو حنكة دبلوماسية في حل النزاعات وتهدئة الأوضاع وحل الأحزاب وتوحيدها تحت راية واحدة، من أجل الأخذ بحقوق التمريض التي يستحقها كبداية، والعمل على وضع الخطط المحكمة من أجل التطوير بعد اقرار أبسط الحقوق المستحقة.
ومن بعض اوجه الحرب التي قامت ولا تزال مستمرة هي أنه وعلى مدار عدة دورات، فإن الجهة النقابية محتكرة في مجموعة واحدة لا تتغير، وهذه المجموعة لا يهمها التخطيط المحكم ووضع الاستراتيجيات الواضحة التي من شأنها تطوير المهنة، كإقرار الوصف الوظيفي، ومعالجةالخلل في الوظائف الاشرافية والادارية للمهنة، وتفعيل الدور النقابي والقانوني للوقوف مع قضايا الممرضين الشخصية والدفاع عنهم من الإهانات والاعتداءات المتكررة على الممرضين، سواءً من المراجعين، المرضى، الزملاء الأطباء، وحتى الادارات التمريضية في بعض الأحيان.
الساحة التمريضية لا تزال رطبة من الحروب المستمرة منذ عام 2009 حتى يومنا هذا، ولن تجف الساحة ويتم التطوير الا اذا وقفنا جميعنا بأحزابنا وقفة جادة من أجل التطوير، يساهم فيها حزب أصحاب الخبرة بخبراتهم ويعززها حزب أصحاب الشهادات الجامعية بعلمهم. كما تحتاج هذه الوقفة الجادة للابتعاد عن المصالح الشخصية، والالتفات لتطوير الذات واستكمال الدراسة والحصول على أعلى الشهادات والتحصيل العلمي، وعدم الوقوف حجر عثرة في وجه من لديه الطموح لاستكمال دراسته، والاقتناع بأن “الواسطة” لا تساهم في شيء غير الفساد والدمار في أي بيئة، وإحسان الاختيار في من يمثل التمريض، سواءً على المستوى الاداري أو على المستوى النقابي، فالتمريض مهنة حساسة تعنى بصحة الناس وأرواحهم، وصحة المجتمع هي الثروة القومية الحقيقية لبناء وازدهار الدولة بأسرها.
في النهاية، على علمي بكمية التعليقات والانتقادات التي سأحصل عليها من مقالي هذا، الا ان هذه الحرب يجب ان تنتهي، وقد حرصت كل الحرص على عدم ذكر الأسماء في هذا المقال ولم اذكر منصباً بعينه، لأن الأسماء لا تهم، ولإيماني التام بأن النقد يكون على الأداء وليس على الأشخاص، فكلنا بشر فينا العيوب وفينا الخصال الحسنة، ومن المفترض ان لا نهتم لشيء غير الوقوف على تطوير مهنة الانسانية، مهنة التمريض.
شكرا لطرح الفكره ،، وفعلا هناك دائما صراع بكل مجال ولكن هناك قنوات غير واضحه في الترقيات الاشرافيه في التمريض ويظل الملف مقفل
العفو حياكم الله
جميع القوانين والقنوات واللوائح التنظيمية لشروط شغل الوظائف الإشرافية واضحة وصريحة ويبقى التلاعب بالترقيات من قبل بعض المسؤولين
اتفق معك تماما
علينا ان نؤمن بمبدأ “تكافؤ الفرص”
في تعيين او تكليف اي احد من الاخوة والاخوات على حسب الخبرات والكفاءات المكتسبة
هذا من جهة
ومن جهة اخرى
نحن لسنا المهنة الوحيدة التي تمر بهذه الصراعات ولكن مايمنع ان نكرس اوقاتنا وتركيزنا على ابراز المهنة بالصورة الجميلة بدلا من
السعي للانتفاع من الاهداف الشخصية
فلنستبدلها بالاهداف الجماعية التب تخدم الجميع
وشكرا
صدقت 💐